قضايا اقليمية

ابعاد عملية طوفان الأقصى وافاقها المستقبلية

مثلت (عملية طوفان الأقصى) التي هاجمت فيها الفصائل المقاومة وابرزها كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس عدد من المواقع الأمنية للكيان الإسرائيلي، حيث بدأت العملية عبر هُجومٍ صاروخي واسعِ النطاق شنّته فصائل المقاومة، إذ وجَّهت آلاف الصواريخ صوبَ مختلف المستوطنات الإسرائيليّة من ديمونا في الجنوب إلى هود هشارون في الشمال والقدس في الشرق، وتزامنَ مع إطلاق هذه الصواريخ اقتحام برّي  عبر سّيارات رُباعيّة الدّفع والدّراجات النّارية والطّائرات الشّراعيّة وغيرها للبلدات المتاخمة للقطاع، والتي تُعرف باسم غلاف غزة.

تأتي تلك العملية بعد معاناة طويلة من السياسات العدوانية التي يمارسها الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين خصوصاً قطاع غزة، قابلها مباشرةً ردة فعل غير مسبوقة من قبل الكيان الإسرائيلي تمثل بالتطهير العرقي اتجاه أبناء قطاع غزة او ما عرف بـ(عملية السيوف الحديدية) الذي يحمل إشارات دينية متطرفة تقوم على أساس قتل وابادة الخصوم، عموماً كل هذه التداعيات يضع عملية طوفان الأقصى امام عدد من الابعاد والسيناريوهات المحتملة في المستقبل، ومن تلك الابعاد الاتي:

1- تزامنت عملية طوفان الأقصى بعد مرور خمسون عاماً على الانتصارات التي تحققت في عام 1973.

2- ان هذه العملية تزامنت مع ما يعرف عند الإسرائيليين بـ(عيد العرش) التي تشهد فيها الثكنات الإسرائيلية حالة من الهدوء كونه يمثل أيام احتفال بالنسبة لهم.

3- مثلت عملية طوفان الأقصى نقلة نوعية في عمليات المقاومة الفلسطينية منذ قيام كيان إسرائيل في قيام إسرائيل في العام 1948.

4- مثلت عملية طوفان الأقصى الانتقال من المقاومة التقليدية المعتمدة على الاليات البدائية الى العمل التكتيكي الخارق.

5- انتقلت المقاومة الفلسطينية المتمثلة بكتائب القسام والفصائل الأخرى ككتائب الأقصى من الدفاع الى الهجوم.

6- هناك بعض التقارير الصحفية تشير الى ان عملية طوفان الأقصى تمكنت من مهاجمة عدد من الدوائر الأمنية الهامة في الجانب الإسرائيلي ومن ضمنها دائرة المخابرات الإسرائيلية الرئيسية وتمكن من الاستحواذ على وثائق وبيانات ومعلومات تخص الخطط الإسرائيلية اتجاه المدن الإسرائيلية خاصة قطاع غزة.

من جانب آخر يمكن ان تقرأ عملية طوفان الأقصى على مستوى تقييم الحالة الأمنية والسياسية الإسرائيلية بأكثر من بعد أهمها الاتي:

1- البعد السياسي الذي يشير من دون شك الى حالة عدم استقرار تشكيل حكومة رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، فبالإضافة الى شخصيته المتطرفة وانتماءه الى اليمين الإسرائيلي المتطرف يحاول ان يوظف عملية الأقصى من خلال ردة فعل الوحشية التي تطال عشرات المدنيين يومياً واغلبهم من النساء والأطفال من اجل كسب الجماعات المحايدة داخل إسرائيل.

2- البعد الديني الأمني يبدو ان الهالة التي يصورها الاعلام الإسرائيلي والأجهزة الأخرى الداعمة له بعكس الواقع وهو أي الجيش الإسرائيلي وان كان يعد كونه من الجيوش المتقدمة لكنه يبدو أضعف من ذلك لاسيما امام حرب العصابات والجماعات غير النظامية.

3- ان هناك خوف من البعد الديني الاحتمالي وهو إشارات دينية وغيبية وردت على لسان عدد من قادة إسرائيل بزوال دولة إسرائيل بعد مرور ثمانون عاما من تشكيلها، وربما تمثل ردة الفعل الإسرائيلي اتجاه عملية طوفان الأقصى تدخل من باب ردة الفعل الاستباقية بعمليات وحشية واجرامية لحماية كيان إسرائيل امام أي مخاوف محتملة واقعية كانت ام غيبية.

4- تحاول إسرائيل امام صدمة عملية طوفان الأقصى فهي شبهت بالنسبة لإسرائيل بمثابة عملية ضرب مبنى التجارة العالمي والبنتاغون في الولايات المتحدة والتي نفذتها تنظيمات إرهابية وجعل بموجبها الولايات المتحدة ان ترد بقوة على مصادر التنظيمات الإرهابية المتوقعة فشنت الحرب على أفغانستان والعراق.

اما بخصوص التطورات او التداعيات الحاصلة من اجراء القتال الحاصل فهناك عدد من المشاهد المحتملة أبرزها الاتي:

1- داخليا لا تزال حدة القتال مستمرة بين المقاومة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي وامام وحشية الأخيرة عبر اخضاع مدينة غزة للاستسلام تحول الهدف الى اجتياح المدنية جوا وبرا وصولا الى السيطرة عليها بالكامل في محاولة للقضاء على تنظيم حماس وهذا السيناريو متوقع الحدوث على التأكيدات اليومية للمسؤولين في إسرائيل والقوة الداعمة لهم مثل الولايات المتحدة واكيد هذا السيناريو سوف لا يكون سهلا على الجانبين واذا ما حدث فسيكون هناك اكثر من 15,000 ضحية من أبناء القطاع، وهو ما سيجعل العالم امام كارثة إنسانية تضاف الى جرائم إسرائيل.

2- عربيا وان صرح الرئيس الأمريكي الحالي جون بادين بانها أي علمية طوفان الأقصى جاءت لتعطل التطبيع بين إسرائيل والسعودية برعاية أمريكية لكن هذا الراي او الموقف غير دقيق كونها اي الدول المطبعة مع إسرائيل لم تمنعها كل اشكال الحروب والقمع التي مورست من قبل إسرائيل اتجاه فلسطين، كما ان موقف اغلب الدول العربية على المستوى الرسمي لا يزال خجولا للغاية ولم يكن بالمستوى المطلوب لاسيما امام المذابح اليومية بحق الفلسطينيين.

3- اقليمياً على مستوى ما يعرف بمحور المقاومة وان مثل عملية طوفان الأقصى نصرا معنويا له خصوصا لإيران التي يجعلها بموقف اقوى امام أي تفاوض مع الولايات المتحدة التي تدرك أهمية عدم التصادم مع ايران، لكن الخطر الذي يواجه القضاء على احد اهم اذرع ايران والمتمثل بحركة حماس سيجعل حلفائها الاخرين بخطر ومن ذلك حزب الله في لبنان، وربما سيمتد ذلك الى دول أخرى مثل سوريا والعراق والحوثيين في اليمن.

.............................................

الآراء الواردة في المقالات والتقارير والدراسات تعبر عن رأي كتابها

*مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2023 Ⓒ

http://mcsr.net

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://t.me/infomscr
التعليقات