الوضع بين سوريا وإسرائيل.. ملف الدروز نموذجا

شارك الموضوع :

أن العرب الفلسطينين داخل جغرافية الكيان تربطهم بـ(الدولة) علاقات قانونية، واقتصادية بوصفهم مواطنين بصرف النظر عن وجود توتر دائم بين الطرفين بسبب سياسات التمييز والتهويد...

من الواضح عدم وجود علاقة رسمية بين الكيان الصهيوني وهيئة تحرير الشام سابقا والدولة السورية لاحقا بقيادة الجولاني الشرع حتى كتابة هذه السطور، لكن -ما يُحتمل- هو وجود تفاهمات ميدانية غير معلنة بين الطرفين في فترات ما خلال النزاع السوري- السوري، خاصة في جنوب سوريا تحديدا لأسباب تكتيكية إسرائيلية في المقام الأول، ولكن في فترة من عهد حكم بشار الأسد لسوريا كان هناك نوع من التهدئة غير الرسمية بين إسرائيل وبعض الفصائل المسلحة في الجنوب السوري، لاسيما جبهة النصرة، وذلك لضمان عدم اقتراب أذرع إيران؛ حزب الله على وجه التحديد من تلك المناطق التابعة للـ(جبهة) الجنوبية السورية كما أن الوقائع الميدانية تثبت منذ سنوات عبر تقارير استخباراتية عالمية وتحليلات لمراكز أبحاث أن إسرائيل كانت تغض الطرف عن أنشطة لجماعات إرهابية قرب حدود الجولان خلال مدة الحرب الأهلية السورية – التي لم تنته بعد- وتسمح لها بإكمال مهامها ذات الطابع المسلح (طالما) أنها لا تهدد أمن الكيان بصورة مباشرة.

وبناءً على هذا السلوك الإسرائيلي فقد وصلت لهذه المنطقة معونات إنسانية اشتملت على مواد غذائية وطبية بحسب تقارير إسرائيلية وقد وجدت هذه المساعدات طريقها إلى عناصر من المعارضة المسلحة السورية وبضمنها الجماعات ذات الصلة بجبهة النصرة الموضوعة على قوائم الإرهاب في كل من الأمم المتحدة والكيان نفسه.

والتدقيق في طبيعة العلاقة (الأخوية أو شبه الأخوية) بين إسرائيل وجبهة النصرة يؤدي بنا إلى رصد أكثر من سبب يدعو الإسرائليين لتبني هذا الموقف، ففضلا عن الهدف الذي أوضحناه توا ثمة هدف آخر أو مجموعة أهداف في حقيبة الأجندة الإسرائيلية هو ما يدفعها لترطيب العلاقة مع بعض الجماعات السياسية والجماعات الاجتماعية العربية سواء ما كان يوجد منها داخل حدود الكيان الإسرائيلي أو خارجه؛ من ذلك أن العرب الفلسطينين داخل جغرافية الكيان تربطهم بـ(الدولة) علاقات قانونية، واقتصادية بوصفهم مواطنين بصرف النظر عن وجود توتر دائم بين الطرفين بسبب سياسات التمييز والتهويد، بل إن الفلسطينيين القاطنين في دول خارج نطاق الكيان كالأردن، وغيرها تجد كثيرين منهم كانوا وربما ما يزالون يتسابقون للحصول على عقود عمل مع الطرف الإسرائيلي!.

وبقدر ما يتعلق الأمر بالطائفة الدرزية في الجولان وعلى الرغم من أن جزءاً كبيراً من الدروز في هذه المنطقة المحتلة إسرائيليا يرفض الاعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم، فإن هناك منهم من حصل على الجنسية الإسرائيلية، وتجمعه بمؤسسات الكيان تعاملات متعددة خاصة في القضايا المدنية، ومن هؤلاء الشيخ موفق طريف الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، ويُعد هذا الشيخ الدرزي شخصية دينية بارزة ومرجعية عليا للدروز في فلسطين التي ولد فيها عام 1963 وفي إحدى قرى منطقة الجليل، وينحدر طريف من عائلة ذات تاريخ ديني طويل في قيادة الطائفة التي تزعمها هذا الرجل خلفًا لجده الشيخ أمين طريف، الذي شغل هذا المنصب لمدة خمس وستين عاما، ويزعم طريف أنه يسعى لتعزيز منزلة الطائفة الدرزية داخل الكيان الإسرائيلي وهو الأمر الذي يعد موضوعا سجاليا كما سنرى بعد قليل، وللشيخ موفق طريف علاقة مميزة مع دولة الإمارات العربية المتحدة التي زارها سنة 2024، واستقبله حينها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والإمارات تصنف من بعض الأطراف بوصفها أحد أقرب حلفاء الكيان في منطقة الشرق الأوسط -كما هو معروف-.

وتتباين مواقف أبناء الطائفة الدرزية من سلوك الشيخ موفق طريف هذا؛ إذ يوافق البعض على فكرة أنه يعمل على تعزيز مصالح الطائفة وحمايتها، في حين ينتقده آخرون، ويتهمونه بنعوت شتى منها أنه يساعد الإسرائيلين في جعل الدروز مجرد ورقة بيد الكيان، وفي هذا السياق يقول وليد جنبلاط الزعيم الدرزي اللبناني البارز ما مضمونه أن زعيم الطائفة الدرزية في اسرائيل موفق طريف يريد توريط الدروز في قتال المسلمين في لبنان وسوريا...

وفي مقابل الشيخ موفق طريف توجد شخصية درزية تحظى بشعبية واسعة بين الطائفة الدرزية عموما لاسيما في بلده سوريا هو الشيخ حمود الحاوي الذي يطلق عليه الدروز لقب (شيخ العقل)، ومن تصريحات الحاوي مؤخرا هو قوله بما مضمونه إن موقف إسرائيل "المتضامن" مع دروز سوريا هو شأن دولي، أما حمايتنا فتقع على عاتق سوريا متهما أطرافا لم يسمها بتأسيس مواقع للتحريض الطائفي والفبركة خاصة بعد أحداث جرمانا وصحنايا في منطقة السويداء السورية.

والنصيحة التي يمكن تقديمها إلى دروز سوريا بوجه خاص هو الأخذ بما يشير عليهم الشيخ الحاوي، والنأي عن توجهات الشيخ طريف؛ لعوامل شتى يقف في مقدمتها ارتباط هذا الشخص بالأجندتين الإسرائيلية والإماراتية فضلا عن كونه مواطنا إسرائيليا لا سوريا.

.............................................

الآراء الواردة في المقالات والتقارير والدراسات تعبر عن رأي كتابها

*مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2025 Ⓒ

http://mcsr.net

اضافةتعليق


جميع الحقوق محفوظة © 2023, مركز المستقبل