دراسات

إشكالية تطبيق العدالة الإنتقالية.. دراسة نظرية ومفاهيمية

   تبين نظريات الدراسة في كل موضوع، بحث كل ما من شأنه ان يرتقي بموضوع الدراسة، ويؤطر المفاهيم النظرية له كالأفكار والمعلومات والمفاهيم والآراء، بحيث تقدم بالإضافة الى كل ما سبق أطر عامة ونماذج سابقة، حيث تنبع أهميتها من انها تقدم مدخلاً لموضوع الدراسة في ما يخص الإضافة العلمية، كما تقوم بتبيان العلاقة العلمية بين المتغيرات البحثية النظرية والعلمية، أضف الى ذلك، تقوم بتوليد مفاهيم ابداعية جديدة والاطلاع على الكثير من الخبرات المستقاة من نظريات الدراسة لا سيما السابقة منها والخاصة في موضوع الدراسة.

كما يجب ان تكون الدراسة موضوع البحث بالإستفادة من الدراسات السابقة ذات العلاقة المباشرة من حيث كم الإجراءات المتبعة فيه، والذي يتم التأكيد على تلك الإجراءات التي تميز الدراسة موضوع البحث عن غيرها من الدراسات الأخرى، حيث تقوم الدراسات السابقة بتقديم التغذية الإسترجاعية من خلال الاطلاع على الدراسات والكتابات السابقة، والتعرف على مجمل الأخطاء التي من الممكن ان لا تظهر مسبقا في الدراسة وعملية الإجراءات المتعارف عليها والمتبعة ضمن الدراسات السابقة ومحاولة الوصول الى اقصى استفادة منها.

بناءً على كل ماذكر آنفاً، نجد أن من اهم شروط الدراسة بصفتها العامة ان تحتوي على نظريات للدراسة ودراسات سابقة مرتبطة بشكل علمي واكاديمي من حيث تخصص موضوع الدراسة وتوجهاتها وكذلك بالهدف الموصول للدراسة، وكل ذلك مرتبط بصورة مباشرة بطريقة واسلوب كتابة الدراسة والتي يمكن ان تقدم تأثراً وانعكاساً بالدراسات السابقة وغيرها.

اهم النماذج النظرية لمفهوم العدالة الانتقالية

تعد العدالة الإنتقالية بشكلها الحالي من المفاهيم الحديثة من حيث المفهوم والنشأة، والتي تم بلورتها من خلال تجارب وممارسات مرت بها الكثير من البلدان، والذي يعد بحد ذاته تطوراً للمفهوم، اضف الى ذلك اضافات ومساهمات الفقهاء والكتاب في هذا الشأن، إلا أن الغالب في إطاره العام بدأت العدالة الإنتقالية بالتشكل منذ ثمانينات القرن الماضي، والتي سميت بهيئات المصالحة والحقيقة والإنصاف والتي كانت نتيجة تقاطع اعمالها المشتركة فيما بينهم، وبذلك تتأتى العدالة الإنتقالية من عدة نظريات مستندة من قبل الكثير من الفقهاء.

إن من أهم ما تثار في اطار العدالة الإنتقالية ان هناك عدة اشكاليات في نماذجها النظرية، وابرزها تلك الإشكاليات المرتبطة بالمجال المعرفي والذي ينتمي اليه مفهوم العدالة الإنتقالية ذاته، إذ تعد في الأساس الدراسات الخاصة بحقل العدالة الإنتقالية بشكلها التقليدي الى حقوق الإنسان في اطار القانون الدولي، ومع التوسع الحاصل في تطبيق المفهوم توسع المفهوم ليشمل العديد من الأهداف والآليات تنتمي الى مجالات علمية وبحثية اخرى مع اسهامات علماء القانون وعلماء السياسة والإجتماع والمؤرخين وعلماء الأنثروبولوجي والناشطين في مجال حقوق الإنسان والصحافة ورجال الدين، حيث تعكس كل تلك الممارسات مجتمعة التطورات الحاصلة في العدالة الإنتقالية كنظرية، اذ تعكس كل تلك الممارسات التطورات المستمرة والأجندة البحثية في العدالة الانتقالية وجميع النظريات المرتبطة بها من وجهة تحقيق العدالة، الحصانة وجهود اعادة حكم القانون ولجان الحقيقة وغيرها.

العدالة الاصلاحية

يلقي مفهوم العدالة الإصلاحية اهتماماً خاصاً في مجمل القضايا والموضوعات ذات الإهتمام المشترك في محاولات تطبيق العدالة الإنتقالية، لا سيما ان العدالة الإصلاحية هي المعيار الذي يحدد فيما نجحت او لم تنجح العدالة الإنتقالية برمتها لأنها مرتبطة بصورة مباشرة بجبر الضرر للضحايا واستعادة حقوقهم وإدانة المجرمين الذين تسببوا بذلك، ولأن العدالة الإصلاحية تركز على الطرق والتي من خلالها تؤذي الجريمة الواقعة على العلاقات بين الناس المكملين للمجتمع نفسه، وقياس الضرر وحجمه والذي يجب اصلاحه وتجنب وقوعه في المستقبل.

سبق وان تم ذكر ان العدالة الإنتقالية من حيث النظرية والتطبيق مقيداً بتقيد حداثة ظهوره، حيث ان تطور الإطار النظري جاء نتيجة التطور العملي له، وهو بهذا يجعل منه محط تطبيق أكثر من كونه محل نظرية واصبحت الدراسات فيما بعد نتيجة حتمية لكل ذلك، لاسيما موضوع العدالة الإصلاحية الذي يعد جزءاً مهما من محور العدالة الإنتقالية. يهدف هذا النوع من العدالة الى تقييم تجربة العدالة الإنتقالية بإصلاح المؤسسات الى أنهكها القمع والإستبداد والفساد وتحقيق هذا الهدف من خلال معالجتها بالشكل الذي يضمن عدم تكرار جميع الإنتهاكات التي شابت تلك المؤسسات أبان الفترات السابقة وإرساء دولة القانون وإحترام حقوق الإنسان.

وبالنسبة للعدالة الإصلاحية فإن حقيقة الأمر تبرز ان عملية الوصول الى تعريف محدد وجامع له أمر صعب المنال، ذلك ان المفهوم يخضع الى التطور المستمر حيث يشبه في تطوره مفهومي العدالة والديمقراطية من حيث التطور، وهذا التطور يجعل من الصعوبة بمكان على اتفاق محدد له، الا انه وبالوقت ذاته يوجد عدة محاور رئيسية يمكن من خلالها فهم العدالة الإصلاحية مثل الإصلاح وإعادة هيكلة العلاقات ذات الشأن والمواجهة، وكما تتضمن عدة مبادئ يمكن الإعتماد على تطبيقها كالاستمرار في العمل على اعادة التفكير في ادوار كل من المجتمع والحكومة في ارساء عملية العدالة والعمل المستمر على علاج الضحية والجاني وارساء ذلك من خلال المجتمع ومشاركة كل من الضحية والجاني والمجتمع بكافة منظماته.

ومن خلال كل ما ذكر فإن هناك عدة أطراف في عملية العدالة والتي يشكلون اساس تكوين تلك العملية حيث يقوم كل بدوره في هذا الشأن، فعملية العدالة الإصلاحية لا تقع فقط على الحكومة ونهمل الأطراف الأخرى كالجاني والضحية فهي عملية تفاعلية تخضع الى مجموعة من القواعد القانونية والقيم الأخلاقية من اجل اعادة الحقوق وجبر الضرر للضحايا ومحاسبة الجناة عما ارتكبوه من إعتداءات ودراسة الأسباب والعوامل المؤدية الى ذلك الإعتداء ضمن وحدة واحدة في المجتمع الذي ينتمون اليه. فالضحايا هم الاشخاص الذين تم تعرضهم لأي شكل من اشكال الأذى من الجاني، ويقسمون أما الى ضحايا اساسيين ممن وقعت عليهم الجريمة بصورة مباشرة، او ينتمون الى المستوى الثاني وهم عادة من عوائل أو أقارب الضحايا الأساسيين، وبغض النظر عن كل ذلك فأن الأضرار التي لحقت بالضحايا بكافة أوضاعهم والتي تختلف من مستوى الى اخر فأنهم يشتركون بأن لديهم احتياجات مشتركة فيما بينهم تتمثل في الحاجة الى اعادة بناء حياتهم والسيطرة عليها، والإقرار بحق حقوقهم المسلوبة، فمجرد اطلاق صفة الضحية بحد ذاته يعد وصفاً خاضعاً لتجربة فقدان السيطرة على مجمل الحياة، وعلى هذا فإن الضحايا بحاجة ملحة الى الشعور في كونهم شركاء رئيسيون في عملية التفاعل لتحقيق العدالة.

والحقيقة ان الأخذ بأساليب العدالة الإصلاحية من الممكن ان يترتب عليه إحداث تغيرات جذرية ونقلة نوعية في المفاهيم الإجتماعية والتي أرسيت في المجتمع لفترات زمنية طويلة، الأمر الذي يؤدي بالضرورة القصوى الى إحداث تغييرات في التشريعات والعقليات والسلوكيات التي تضطر الى التعامل مع تلك الملفات، اي يجب ان يواكب عمليات الأخذ بطرق وأساليب العدالة الإصلاحية عمليات توعية مدروسة بعناية في مجال الإعلام والسوشيال ميديا، يتم من خلالها شرح الفوائد المستوحاة منها في إطار الأفراد والمجتمعات من قبل المختصين والخبراء في هذا المجال، بشرط ان يتم كل ذلك ضمن إطار الخطط الستراتيجية الموضوعة على الأمد الطويل حتى لا يمكن الافتراض من قبل البعض ان تلك الأفكار والأساليب مستوحاة أو منقولة من التجربة الخارجية.

ان من اهم الأسس التي تقوم عليها العدالة الإصلاحية هو افساح المجال لعدد أكبر من الأطراف المعنيين من اجل المساعدة في تضميد الجراح واطلاق الإصلاح حيث من الممكن ان تعطي قيمة اكبر للمشاركة لتلك الأطراف فبالنسبة للضحايا تعتبر مشاركتهم في جزء من الخطوات الإجرائية تعويضاً لهم في اوقات فقدهم على مجمل أمور حياتهم حيث تمنحهم فرصاً أكثر لإستعادة قوة شخصيتهم من خلال افصاحهم عن متطلباتهم واحتياجاتهم، كما يعتبر الإعتراف الكامل الطوعي بالذنب من الجناة طريقة ذات أهمية بالغة، ليس بالنسبة لتعويض المتضررين من الجرائم التي قاموا بها المجرمين، ولكن ايضاً من اجل بناء نموذج شخصي قيم يلعب فيه الجاني دورا بشكل أكبر، كما يقوم بتحمل المسؤولية الشخصية عن جميع أفعاله ومن بعدها يبدأ العمل بصورة اكثر مهنية لإصلاح الضرر الذي ألحقه بالضحايا والمجتمع، كما يتم تصويب الأمور على قدر المستطاع، ومن الضروري بعد ذلك يتم اشراك المجتمع من خلال تنسيقية أو ممثلية في عملية إجراءات التسوية والتي تساعد على استقرار المجتمع وتراصه.

العدالة الجنائية

لقد عرفت العدالة الجنائية على أنها عبارة عن منظومة متكاملة يحاول العاملون في المجال الجنائي من خلالها الوصول الى مجتمعات عادلة وآمنة ومعافاة من الجريمة، والحقيقة أن نظام العدالة الإنتقالية هو نظام يقوم على الالتزام وذلك من خلال التمسك بحماية حقوق الإنسان من خلال تسيير سبل العدالة وكذلك منع الجريمة ومكافحتها، حيث تكون الدولة الجهة المسؤولة في المقام الأول عن إقامة نظام ثابت وقوي من اجل منع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية والتي يجب ان تتسم بالإنصاف والإنسانية والفعالية والمساءلة، كما تكون ملزمة على السعي في استخدام معايير الأمم المتحدة وقوانينها في منع الجرائم بعدها مبادئ عامة توجيهية يهتدى بها في تنفيذ إجراءاتها وقوانينها وبرامجها وسياساتها الوطنية والتي تتعلق بمنع الجرائم وتأمين التوجهات العامة للعدالة الجنائية. وهنا يأتي العامل الحاسم في تقديم التعزيز لإمكانيات العاملين في تنفيذ القانون والذي يأتي من خلال المساعدة الفنية وتبادل الخبرات، وكذلك بناء القدرات وجميع المعلومات على كافة المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، ومن خلال هذا تقوم الأمم المتحدة بعقد مؤتمرات كل خمس سنوات والتي يطلق على تسميتها (مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة بمنع الجريمة والعدالة الجنائية)، والذي يحضره الكثير من الممثلون عن الدول من قضاة وادعاء عام واساتذة جامعات ووزراء وقادة أمنيين وشرطة ومختصون في الشؤون الإجتماعية، بالإضافة الى منظمات دولية واقليمية ومجتمع مدني وجامعات ومعاهد متخصصة بقضايا منع الجرائم وحماية حقوق الضحايا واصلاح السجون.

وقد عرّف نظام العدالة الجنائية على أنه (أداة اجتماعيّة لتطبيق معايير السلوك الضرورية لضمان حرية وسلامة الأفراد وحفظ النظام العام في المجتمع)، وبشكل عام، تهدف العدالة الجنائية إلى تحقيق هدفين أساسيين، الهدف الأول؛ تحقيق المصلحة الخاصة للأفراد من اجل ضمان حرياتهم وحقوقهم بكل ابعادها، أما الهدف الثاني؛ هو تحقيق المصلحة العامة للمجتمع وذلك من خلال ضمان الأمن والاستقرار، ويتم كل ذلك من خلال تطبيق عدة قواعد عامّة من خلال بيئة طبيعية من استقرار المجتمع ومكوناته، برعاية الدولة وأجهزتها الحيادية تجاه الأفراد والجماعات والمجتمع، من هنا يكون يمكن القول، أن مفهوم العدالة الجنائية مرتبطاً بشكل تقليدي في حالة الاستقرار بصفته العامة من جهة، وفي حالة الحياد الدائم لأجهزة الدولة من جهة أخرى، وفي حال تم تضييق نطاق الجرائم بتوجهاتها وانحصارها بالأطر التقليدية المتعارف عليها. وهذا يفترض وجوب توفر بيئة آمنة من أجل قيام العدالة الجنائية التقليدية، حيث يبدأ الانطلاق من مبدأ شرعنة الجرائم والعقوبات التي يمكن اختصاره بشكل مباشر وتجاوزاً لعبارة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني)، والإعتماد على الإستقلال للمؤسسة القضائية وحيادها، بما يوفر كل ذلك من حماية حقوق الإنسان الأساسية، لا سيما ان التقاضي على درجات، والاستناد بشكل أو بآخر على مبدأ البراءة المفترض بالمتهم وضمان حقوقه القانونية بالدفاع المقدّس، وكذلك إنفاذ الأحكام جبراً بقوّة القانون وأجهزتها، وبمبادئ تقليدية أخرى.

كما يمكن الذكر، ان العدالة الإنتقالية تتكون من عدة إجراءات سبق ذكر منها العدالة الإصلاحية وما تمخض عنها في استخدامها في مراحل العدالة الإنتقالية، كما هناك عدة تطبيقات لها ولعل من اهمها العدالة الجنائية وهي تلك الاجراءات القانونية التي تتخذ ضد مرتكبي من قام بالإنتهاكات والمسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات بحق المجنى عليهم وضد حقوق الانسان، وهي تعد من اشكال تطبيق العدالة الإنتقالية التي تساهم بشكل او بآخر في عملية الإستقرار السياسي وجبر الضرر وتعويض ضحاياهم ورد اعتبارهم وفهم مجموعة من السبل الإجرائية والتي يتمخض عنها ردم الهوة بين جميع أطياف المجتمع لاسيما اذا كان المجتمع ينقسم الى عدة طوائف متداخلة ومعقدة في الوقت ذاته. كما تشمل العدالة الجنائية التحقيقات القضائية مع المسؤولين في ارتكاب عدة انتهاكات في حقوق الإنسان، والحقيقة في كثير من الأحيان يركز المدعون في تحقيقاتهم على من لديه إعتقاد انهم يتحملون قدر اكبر من المسؤولية عن تلك الإنتهاكات، ويمكن عد المحاكمات القضائية اهم محور من محاور العدالة الجنائية في اي عدالة انتقالية يراد منها ان تكون فعالة ومستمرة، والذي من الممكن الاعتماد عليها في تحقيق مكتسبات في مجال المحاسبة، حيث تدخل ضمن اطار مبادرات القضاء وعلى المستويين المحاكم المحلية والمحاكم الدولية، ومن خلال كل ذلك يمكن ان تهدف كل ذلك الى اجراء محاكمات جنائية للمسؤولين عن عملية ارتكاب تلك الجرائم لا سيما الإنتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان، والتي من الممكن ان تشمل جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والأقليات والأهم من ذلك كله الحد من ظاهرة الإفلات من العقاب وعدم المحاسبة.

يوجد الكثير من التحدّيات الهائلة حول عدم إمكانية محاكمة جميع مرتكبي الانتهاكات موضوع البحث، فالمحاكمات كما هو معروف تحتاج الى عدة كوادر قضائية متخصّصة، وايضاً تحتاج الى العديد من المرافق لدعم عمليات التقاضي من قاعات ومحاكم وسجون وأجهزة شرطة مؤهلة لذلك، كما تحتاج ايضاً الى أدلّة متوافقة مع المعايير القانونية الدولية، كما تأخذ المحاكمات أوقاتاً طويلة الأمد نوعاً ما، وهذا كلّه يحتاج الى الكثير من الإعداد والتمويل والتأهيل والتدريب والمراجعة، وقد دلّت تجارب الدول التي خرجت في وقت سابق من الحروب الأهلية أو من عهود طويلة من الاستبداد، وحاولت إعادة بناء وهيكلة مجتمعاتها من دون المرور والتركيز على مسارات العدالة الانتقالية الحقيقية، كيف أنّها لا تزال أسيرة الظلم والقهر والفساد والانتهاكات في حقوق الإنسان وغيرها، والشواهد قريبة على ذلك، بينما نجد في تجارب رواندا وجنوب أفريقيا على سبيل المثال إمكانيّة إنهاء الماضي بإرثه الثقيل مع التوفيق في الإستدلال ببناء أسس منع ارتكاب الانتهاكات مستقبلاً وتجاربه. كما ولا تغيب ذكر خصوصية كل دولة وكلّ صراع وله تحدياته وسياقاته المجتمعية والقانونية.

يجب معرفة ان العدالة الجنائية ماهي الا تكريس للتنمية والحياة الكريمة للمواطنين وهي نقيض لكل الحرب وعدم تكراراها بغض النظر عن المبررات والتصنيفات واطرافها، وبغض النظر عن كل ذلك فهي تقضي على عدم تكرار حالة الخسائر في الأرواح والممتلكات مستقبلاً والحد من ظاهرة الإنفلات وانتشار الأسلحة واطلاق سراح السجناء والجناة المسببين لكل الدمار الحاصل والذي ولد تفشي الثقافة الناجمة سلوك استبدادي ومناخ منغلق بطريقة ممنهجة والذي ادى بدوره الى انهيار منظومة القيم والإنتهازية وتفشي الجشع والفساد والمحسوبية وغير ذلك من ممارسات الأنظمة الشمولية التي تشكل تهديداً صارخا لإعادة الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان بصورة عامة.

على الرغم من كون مفهوم العدالة الإنتقالية حديثا نسبياً من حيث النظرية والتطبيق، الا ان هناك الكثير من الدراسات التي تناولت حيثياته سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو من كان مهتم بها بالجانب النظري أو الذي أخذ نماذج محددة في دول معينة ودرس تجربتها من حيث الواقع العملي، وكما هو معهود في جميع المفاهيم التي ظهرت حديثاً وتم دراساتها من خلال تجارب الدول في موضوع البحث نجد ان هناك قصوراً ملحوظاً من قبل الكثير من الباحثين في هذا الشأن، ولربما هذا القصور ليس فقط يأتي من قبلهم بل من اشكالية الفهم والإختلاف في تطبيقه وتباين الرؤى الحاد في تبيان نمط وسلوكيات الأفراد والمختصين اثناء الولوج في موضوع البحث، من هذا كله سنتناول اهم الدراسات العربية والأجنبية التي بحثت في هذا الشأن، وكالآتي:

دراسة مهند الغصين بعنوان (العدالة الانتقالية دراسة نظرية – تطبيقية)

وتتناول هذه الدراسة المساعي العديدة من الدول لتطبيق العدالة الانتقالية خلال السنوات الماضية عن طريق التحول الديمقراطي في عدة دول، وذلك من اجل مواجهة تحديات انتهاكات حقوق الانسان وقد كان السؤال الإستفهامي الأساسي للدراسة يتمثل حول مدى ملائمة آليات العدالة الانتقالية مع خصائص وطبيعة السياق الانتقالي الذي تُستخدم فيه وما هي أهم محددات فاعلية العدالة الانتقالية؟، كما استخدم الباحث المنهج التاريخي، من اجل تحليل القضايا الاجتماعية موضوع البحث من خلال الرجوع للماضي، وايضاً استخدام المنهج القانوني المؤسساتي لأنه يركز في المؤسسات السياسية المكونة للأنظمة السياسية، وكذلك استخدم المنهج المقارن من اجل إبراز أوجه الشبه والإختلاف بين الظاهرة ذاتها خلال فترة زمنية معينة وكان من اهم تلك النتائج التي تم التوصل اليها هي معالجة سياسات العدالة الانتقالية وذلك من خلال محاولات تتبعها انتقالات المفهوم في مراحل متعددة، والذي ظهر فيه مفهوم العدالة الانتقالية انعكاساته وتحولاته على اراء مختلفة للعدالة الانتقالية وتوجهاتها، والتركيز علي العدالة الانتقالية بعدها تهدف الى بناء السلام واحترام القانون وتحقيق المصالحة الوطنية، كما يبين مجموعة من الخبرات المتعددة من أجل تطبيق نموذج العدالة الانتقالية، وقد كانت اوجه الاستفادة من تلك الدراسة والذي يتمثل بنا في تقديم تعريف للعدالة الانتقالية وآلياتها ومدى ارتباطها الأساسي بحقوق الانسان.

دراسة الحسين العويمر بعنوان (اسس جبر الاضرار في العدالة الانتقالية: قراءة في تجربة هيئة الانصاف والمصالحة)

يعد جبر الاضرار ذات أهمية واسعة النطاق في الدول التي حاولت تطبيق العدالة الإنتقالية، إذ يهتم بها القانون الدولي لحقوق الانسان بشكل خاص، اذ يعد جبر الاضرار افضل بديل للكشف عن الحقيقة وهنا استخدمت الدراسة المنهج التحليلي من بيان تعريف العدالة الانتقالية وبيان اهمية جبر الاضرار، وكان من بين اهم النتائج التي توصلت اليها تلك الدراسة والتي تتمثل في تشكيل تجربة المصالحة بعدها الاساس في جبر الاضرار ونقطة مهمة نحو التحول الديمقراطي وترسيخ دولة القانون، إذ اعطت اللجنة اهمية كبيرة لجبر الاضرار في التجارب الخاصة في لجان الحقيقة، كما استطاعت اللجنة من انصاف الضحايا بشكل مادي من خلال تمكين اقاربهم من تعويضات مالية، وكان الاستفادة من تلك الدراسة يتمثل في عمل اللجان في جبر الاضرار التي تعرضت للكثير من انتهاكات حقوق الانسان، إذ يجب على الدولة تعويض جميع الضحايا وبطرق متعددة.

دراسة هواري قادة بعنوان (العدالة الانتقالية.. الوجه الاخر للعدالة)

تقوم هذه الدراسة بتوضيح وبيان الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي ما زالت موجودة في المجتمع الدولي وتعتبر العدالة الانتقالية احد الاوجه التي تتحقق به العدالة بعدم التأثر بالأشخاص والزمان والمكان، حيث ان العدالة الانتقالية اخذت نصيبها منذ فجر الاسلام والتي وضع بنيانها الرسول الأكرم، لذلك فقد ركزت تلك الدراسة على الاثار الايجابية التي تترتب على الدور الذي تؤديه لحماية حقوق الانسان، وكان السؤال الأهم المطروح هو في كيفية السبيل للهيئات القضائية وشبه القضائية لكي تعمل من اجل تخفيف حالات الشد والجذب التي تتبع انتهاء الصراع؟ وقد استخدم المنهج الوصفي لوصف تطور الظاهرة موضوع الدراسة، واستخدم المنهج التحليلي ايضاً، وكان من اهم النتائج التي تم التوصل اليها تتمثل في ان مسار العدالة الانتقالية يتجه بالاتجاه المرسوم له، كما ويوضح نجاح العدالة الانتقالية والذي يتمثل من خلال التنوع في الاجراءات الرسمية وغير الرسمية في تطبيق العدالة، وفتح باب المصارحة والمناقشة يرجع للدولة اموالا طائلة كانت في الأصل مهربة للخارج، كما اصبحت المجتمعات التي كانت ترزح تحت حروب اهلية وجرائم متنوعة تحتفظ بجزء كبير من الحقائق التي كانت غائبة، ولذلك كانت اوجه أهمية هذه الدراسة تتبلور في تعزيز دور المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ومدى إلتزامها بالمهام المكلفة بها، والعمل من اجل ايجاد قنوات اتصال لتحديد الظاهرة المتعرضة للانتهاكات، وتحييد كل شخص يثبت تورطه في الأعمال المنافية ضد حقوق الانسان من مؤسسات الدولة، ودعوة جميع المختصين في حقوق الإنسان لا سيما مفوضية حقوق الانسان كفريق لتعزيز حقوق الانسان.

دراسة اسامة ابو العلا بعنوان (دور القضاء الدولي (المحاكم الجنائية الدولية-الامم المتحدة) في تحقيق العدالة الانتقالية)

انطلقت الدراسة من المشكلة البحثية الرئيسية والمتضمنة في وجود عدة عقبات تحول دون وجود عدالة انتقالية دولية صارمة تكفل عدم الافلات من العقاب على الجرائم، وبهذا فإن انشاء محكمة جنائية دولية تُعد خطوة مهمة بإتجاه دعم واحترام القانون والسلم الأهلي، وعلى الدولة ان تتبنى اصلاحات تشريعية وقانونية تحقق احترام حقوق الانسان، الا ان هناك جدل كبير بين الحرص على سيادة الدولة من جهة، والمحاولات الجادة في تطوير الضوابط الدولية القضائية على الممارسات التي تتجاوز مقتضيات القانون الدولي من جهة ثانية، كما انه لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية ان تمارس اختصاص متمماً على الجرائم الدولية، كما هناك اشكالية اخرى تعيق تحقيق العدالة الجنائية وهي مرتبطة بشكل مباشر بجريمة العدوان، حيث كان السؤال البحثي الرئيسي والمتمثل في: هل القضاء الدولي الجنائي يمكنه ان يؤدي دورا بارزاً في تحقيق العدالة الانتقالية والعدالة الجنائية؟ ام لا؟، وقد استعار الباحث بالمنهج المؤسساتي القانوني لأنه اول ما تم استخدامه في العلوم السياسية، إذ يهتم بدراسة الاجهزة والمؤسسات والعلاقة فيما بينهما، وتمخض عن ذلك كله، أنه من اهم النتائج التي تم التوصل اليها هي كون العدالة الانتقالية مقاربة لتحقيق العدالة في فترات النزاعات او قمع الدولة من خلال المحاسبة والتعويض عن جميع الضحايا، كما وان العدالة الانتقالية يجب ان تقدم اعترافا حقيقاً بحقوق الضحايا وتشجع الثقة المدنية وتقوية سيادة القانون والحقوق المترتبة على الديمقراطية، كما وتركز على مجموعة من الاسس المتمثلة في الحق في العدالة والمعرفة والتعويض والحق في ضمانات حقيقة في عدم العودة، كما ان العدالة الانتقالية من المواضيع الحديثة نسبيا ولكن في الوقت ذاته تاريخها واضح في مجموعة من دول امريكا اللاتينية واوروبا الشرقية، كما انها شجعت الامم المتحدة على نقض اي قرار بشأن العفو عن عمليات جرائم الحرب أو الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الانسانية، ولكن كان هناك اوجه استفادة متعددة من هذه الدراسة متمثلة في الاطلاع على التجارب المتعددة للعدالة الانتقالية في الكثير من الدول، وتقوية وتعزيز الحوار الوطني من اجل العدالة الانتقالية واعادة الثقة بين المواطن وبين المؤسسات المختلفة كالهيئات القضائية والامنية والرقابية وغيرها، كما ويجب البدء بإجراء المشاورات المتعلقة بالعدالة الانتقالية بطريقة شفافة توضح احترام كرامة الضحايا وغيرهم من المتضررين، ويجب الانتباه عن المخاطر التي ممكن ان تحدث في وقتها عند عزل احد من المناصب المهمة في الجيش او الشرطة وغيرها، ومن ثم على الامم المتحدة ان تستمر في سعيها في المساءلة عن انتهاكات حقوق الانسان.

دراسة هند ابو رية بعنوان (العدالة الانتقالية كآلية للإصلاح السياسي: المغرب نموذجا)

انطلقت هذه الدراسة من المشكلة البحثية المتمثلة في اهمية تحقيق العدالة الانتقالية لاسيما ما بعد فترة الثورات العربية، وكيف كانت المغرب من اولى الدول في تطبيق إجراءات العدالة الانتقالية منذ عام 2004 والاسباب الكامنة وراء احداث هيئة العدالة والانصاف كآلية من اجل تحقيق العدالة الانتقالية في المغرب، وانها كيف استطاعت التصالح مع الماضي واغلاق ملف انتهاكات حقوق الانسان في مرحلة حرجة من حياتها السياسية والإجتماعية، مما مهد لمجموعة كبيرة من الاصلاحات الواسعة، وقد كان السؤال البحثي الأهم في هذه الدراسة والمتمثل في لماذا لجأ النظام المغربي الى العدالة الانتقالية لمعالجة انتهاكات حقوق الانسان، ومن ثم كيف استطاع النظام السياسي المغربي من تصفية هذه الانتهاكات من خلال العدالة الانتقالية مع الاحتفاظ باستمرارية النظام؟ هذا وقد استخدم منهج التحليل النظمي بهدف تمكين البلاد من تحقيق الاهداف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بعيدة المدى والمراد تحقيقها، وذلك من خلال دراسة المدخلات والمخرجات وعملية التحويل والتغذية الاسترجاعية، كما اعتمدت الدراسة ايضا على المنهج القانوني المؤسساتي والتي تركز على المؤسسات السياسية، وكان من اهم تلك النتائج والتي استطاعت الدراسة ان تتوصل اليها وهو تقديم مفهوم مهم للعدالة الانتقالية، كما وضحت الدراسة في ان العدالة الانتقالية تهدف الى تقصي الحقائق لإنشاء سجل تاريخي مقبول حول احداث الماضي لما لحق بالضحايا والمتضررين، واستعادة ثقة الشعب في مؤسسات الدولة لاسيما بما يتعلق بالأجهزة الامنية وغيرها، واوضحت مجموعة من الاليات التي يجب ان تتبناها المجتمعات في المراحل الانتقالية بعضها قضائية وبعضها غير قضائية، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة في ان اجراء تشاورات موسعة في المجتمع والذي يجب ان يمر بمرحلة انتقالية امر بالغ في الاهمية للاستفادة من اجراءات العدالة الانتقالية، ومدى المساهمة الإقليمية والدولية والتدخل اللازم من اجل تسهيل الانجازات المهمة للعدالة في المجتمعات والتي تمر بمرحلة انتقالية.

دراسة فريدة روطان بعنوان (آليات العدالة الانتقالية في جمهورية الكونغو الديمقراطية)

وتستعرض هذه الدراسة الصراعات التي اندلعت في الجزء الشرقي من البلاد وبين الدولتين المجاورتين أوغندا ورواندا، إذ دخل أكثر من مليون لاجئ الى الكونغو الديمقراطية خلال فترة الابادة الجماعية في رواندا، ومن ثم امتد الصراع ليشمل بعد ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية، وادى ذلك الى ظهور انتفاضة التوتسي كما وظهر تمرد مدعوم من قبل رواندا وأوغندا ادى في نهاية المطاف الى الاطاحة بالحكومة الكونغولية، والذي ادى في النهاية ما يمكن تسميته بالحرب العالمية الافريقية والتي حدثت بين القوات الحكومية المدعومة من أنغولا وناميبيا وزيمبابوي والمتمردين المدعومين من اوغندا ورواندا، وادى هذا الصراع الى قتل ما يزيد عن 6 مليون، في ظل وجود صراعات داخلية والتي أدت الى تشكيل لجنة تقصي الحقائق والمصالحة من اجل تأمين العدالة الانتقالية في البلاد، ومن هنا كان السؤال البحثي الرئيسي والذي يتمثل حول ماهية الآليات التصالحية للعدالة الانتقالية في جمهورية الكونغو الديمقراطية؟، اذ استخدم الباحث منهج دراسة الحالة لأنه يتعمق بدراسة مرحلة معينة من تاريخ الوحدة أو دراسة جميع المراحل والتي مرت بها، كما انه يهتم بدراسة حالة واحدة وهي الكونغو، ليتم ابراز الأنماط والسلوكيات الخاصة بها وكان من أهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة تتمثل فيما شهدته جمهورية الكونغو الديمقراطية من تلك الصراعات الداخلية ونتيجة مطامع الوصول للسلطة ورغبة الدول الغربية في استنزاف خيراتها وثرواتها، بالإضافة الى وجود مشكلات اثنية في الدول المجاورة مثل رواندا وبورندي وغيرهما، مما أدى الى زيادة الصراعات الداخلية، والواقع ان الصراع في الكونغو اخذ بعدا دوليا أخراً من بعد تدخل الامم المتحدة المتمثلة بقوات حفظ السلام وتدخل بعض المنظمات الاقليمية من خلال بعض المحادثات، مما ادى في النهاية الى رسم ملامح العدالة الانتقالية، وتأسيس لجنة الحقيقة والمصالحة لقمع تلك الانتهاكات في مجال حقوق الانسان، ومن بعد ذلك واجهت العدالة الانتقالية عدة مشكلات بسبب تدني مستوى النمو وغياب الاحترام الحقيقي لحقوق الانسان والقانون، وكان من أهم اوجه الاستفادة من هذه الدراسة في انه يجب على الدول التي تسعى لتحقيق العدالة ان تذهب في الطريق الصحيح وذلك من خلال تشكيل عدة لجان تقصي الحقائق ومراقبة كل ذلك، وعلى الدول ان تسعى جدياً لتجنب حدوث مثل تلك الصراعات بين اطياف المجتمع.

دراسة محمد عسكر بعنوان (المعايير الدولية للعدالة الانتقالية وآليات تطبيقها)

وتستعرض هذه الدراسة مفهوم العدالة الانتقالية ومدى التنوع الحاصل في تعريفاته، كما تناولت عدم اتمام الكثير من التجارب الخاصة في العدالة الانتقالية في كثير من الدول، مما يتطلب ذلك دراسة تفصيلية لأهم العوامل المؤثرة فيها، كما ان فكرة العدالة الانتقالية لم يتم تنظيمها بصورة قانونية بموجب اتفاقية دولية، وهذا يستلزم في حقيقة الأمر دراسة العديد من التجارب المختلفة ولكن بعضها غير مكتمل على ارض الواقع، واستخدم الباحث المنهج التحليلي والوصفي وكان من اهم النتائج التي توصل اليها تتمثل في أنه لا يستطيع اي مجتمع من المجتمعات ان يتجاوز بهذه السهولة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان الا بعد الانتهاء من ما تركته من آثار تسببت بالسلبيات التي هي عليها، كما وتختلف العدالة الانتقالية عن القواعد والقوانين الوطنية المحققة للعدالة ذاتها، واوضحت الامم المتحدة في هذا الصدد العديد من المعايير لتحقيق العدالة الانتقالية والتي تتمثل في سيادة القانون بشكل مباشر وتوسيع مهام نطاق المشاركة وتصميم آلياتها، وان الطريق الأمثل لتحقيق العدالة الانتقالية في التحول السياسي هي المحاكمات القضائية والطريقة الاخرى تتم عن طريق اللجان الوطنية المستقلة الخاصة بحقوق الانسان، كما وتعمل لجان تقصى الحقائق وفق المعايير الدولية التي يتم تحديدها من قبل الامم المتحدة، حيث ان اوجه الاستفادة في هذه الدراسة يتمثل في عملية تطوير منظومة العدالة فيما يتعلق بجميع الحقوق والحريات، ودراسة الواقع بشكل دقيق وتقييم الدولة التي تتطلب منها إجراء تغيير سياسي جذري، ويجب التعامل مع اليات العدالة الانتقالية كاستراتيجية متكاملة غير متجزئة، كما ويجب تفادي وجود اي غموض بشأن العدالة الانتقالية حتى لا ينقص من فاعليتها اثناء التطبيق.

دراسة حازم عوض بعنوان (العدالة الانتقالية معرفة الحقيقة واثرها في تحقيق المصالحة: دارفور نموذجا)

في هذه الدراسة يظهر المؤلف في ان الكثير من الدول ومنها السودان لا تعطى اي اهتمام لمعرفة الحقائق من خلال التجارب الخاصة بالعدالة الانتقالية حتى وان أبدوا اهتماماً منقطع النظير، الا انهم لم يشكلوا اي لجان تحقيقية وفقا للمعايير الدولية والمتبناة من قبل الأمم المتحدة، اذ وُجد انه من الضرورة بمكان الاهتمام بمعرفة الحقيقة حول الانتهاكات التي تمت في مجال حقوق الانسان لتحقيق المصالحة المستهدفة في اقليم دارفور، وكان السؤال البحثي الرئيسي في كل ذلك يتمثل في كون لماذا لا تعطى الدول اي اهتمام للجان الحقيقة لتحقيق العدالة الانتقالية؟، وقد استخدم الباحث المنهج المقارن، إذ تمت المقارنة بين العديد من الدول من اجل تحقيق العدالة الانتقالية وكان من اهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة تتمثل في انه لا يمكن لأي تجربة اخرى ان تنجح ما لم يتم التوصل الى الانتهاكات التي حدثت في الماضي، والحق في معرفة الحقيقة هو حق قانوني اصيل لا يمكن التنازل عنه او حتى التفاوض فيه، الحق في الحقيقة هو لا يعني بالماضي فقط ولكن يرتبط بشكل مباشر بإدراك الحاضر للتهيئة في المستقبل، معرفة الحقيقة عن الانتهاكات التي سبقت من اجل منع المجتمعات من تكرار احداث متشابهة في المستقبل، وكانت اهم عوامل الإستفادة من الدراسة يتمثل في انه يجب على الاطراف التي تسببت في تلك الصراعات ان تقدم اعتذارات جدية للشعب، وعند التوصل الى تلك الحقيقة يجب البدء في تحقيق قانوني ونزيه حول جميع الانتهاكات حول حقوق الانسان، والتركيز على مسؤولية الأجهزة التي قامت بذلك وليس الافراد فقط.

دراسة اياد الصقلي بعنوان (العدالة الانتقالية: دراسة قانونية)

تناولت هذه الدراسة الحداثة في مفهوم العدالة الانتقالية ومدى تطورها وانتقالها الى احدى متطلبات القانون الدولي المعاصر، بالاضافة الى الاختلاف في تطبيق جوهر العدالة الانتقالية في البلاد والتي شهدت تجارب سابقة بعد فترات الصراعات، ومن هنا جاء سؤال الباحث الرئيسي حول ماهية المشكلات التي تواجه الشعوب والمجتمعات من انتهاكات خطيرة في حقوق الانسان، وتفرد الأنظمة الاستبدادية بالسلطة؟، هذا وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي من اجل تأصيل بداية ظهور العدالة الانتقالية كما اعتمد ايضاً على المنهج العلمي الاستقرائي، واعتمد أخيراً على المنهج التحليلي المعتمد على تحليل النصوص القانونية والدستورية، إن من اهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة ذلك ان العدالة الانتقالية كمفهوم لم يحظ بموافقة كل الدراسات الفقهية والقانونية، وعلى الرغم من حداثته كمصطلح الا ان جذوره قديمة، حيث اصبحت العلاقة بين العدالة الانتقالية متكاملة مع حقوق الانسان من حيث المفهوم، كما وان مصادر العدالة الانتقالية موجودة في المواثيق الدولية والمعاهدات والاتفاقيات، وايضاً ان المفهوم النسبي له يختلف بإختلاف دولة عن اخرى، كما ويجب ان تعمل الياتها بصورة متممة ومتكاملة من قبل لجان تقصى الحقائق ومن خلال المحاكمات وجبر الاضرار واصلاح المؤسسات والآليات الأخرى، وكانت من اهم اشكال الاستفادة من هذه الدراسة تتمثل بصورة مباشرة في انه يجب على الدول الخارجة من صراعات او ثورات التركيز على العدالة الانتقالية وتطبيقها مع الاخذ بنظر الإعتبار كيفية تحقيق اهدافها، وضرورة قيام الدول بالاشتراك مع المنظمات الإقليمية والدولية في اللجان الخاصة بتقصي الحقائق لضمان فاعليتها ونزاهتها، واعتماد السلطات التنفيذية في مسألة التعويض على التنوع، فلا يجب ان يكون فقط تعويضاً مادياً بل يجب ان يكون ايضا اعطائهم العديد من الخصوصية والمزايا واعطائهم فرص في التعيينات والبعثات وغيرها، والعمل على عقد محاكمات نزيهة وعادلة للجناة من اجل ان تتحقق العدالة الانتقالية بشكل قانوني وسليم.

دراسة المصطفى بو جعبوط بعنوان (تجربة العدالة الانتقالية في غواتيمالا)

استعرض الباحث في هذه الدراسة على اهم قضايا والإشكالات التي تتم اثناء الصراعات، كالانتهاكات والتجاوزات والحروب الاهلية في غواتيمالا خلال فترة الانقلابات العسكرية، لاسيما في الفترة ما بين عامي 1962- 1996، وهو السؤال الرئيسي الذي  يدور حوله موضوع البحث، حيث تم استخدام كان المنهج التحليلي وتحليل المضمون من خلال مضامين التي احتواها التقرير النهائي للجنة الحقيقة الغواتيمالية، حيث كان من أهم النتائج التي تمخضت عن الدراسة وتم التوصل إليها هي مدى أهمية العدالة الانتقالية للدول التي حرجت من الصراعات والحروب الأهلية لتحقيق الاستقرار المجتمعي والأهلي، إذ ان الصراعات والنزاعات نهاية مدمرة للبشرية على جميع المستويات لاسيما المستوي الداخلي، وتم القضاء على النظم المستبدة والسلطوية التي دامت على ما يقارب 36 عاما من خلال اتفاق السلام المبرم، واعادت للشعوب اعتبارها بعد ان تعرضوا لمجازر وتصفيات وحشية، وتم اثبات مدى مسؤولية القوات الحكومية والجماعات التمردية على اكثر ما يقارب من 90% من حالات الاعدام التعسفي والاختفاءات القسرية، وكما يمكن تحقيق الاستفادة من هذه الدراسة في ضوء تناولها للجنة الخاصة بتقصي الحقائق في معرفة الأفراد والجماعات المسؤولين عن الإبادات الجماعية التي تمت وغيرها كما تعرضت لأهم التطورات في عملية الانقلابات العسكرية منذ القدم.

دراسة (Noha Aboueldahab) بعنوان:

"Transitional Justice Policy in Authoritarian Contexts: The Case of Egypt"

تناول الباحث في هذه الدراسة حالة الشد والجذب والذي اسماه بالصراع بين العدالة الانتقالية والحكم الإستبدادي او السلطوي حيث يستعرض ان افتراض مجال العدالة الانتقالية تطبق في المجتمع الذي ينتقل من حكم استبدادي متسلط قائم على العنف الى مجتمع يحكمه نظاماً ليبرالياً ديمقراطياً، ويرجع بالقول الى ان مثل تلك المفاهيم (العدالة الانتقالية) لم تطبق في الحقيقة الا على جزءاً يسير من حالات العدالة الانتقالية والتي تم تطبيقها في السنوات الماضية، ويركز على ان العدالة الانتقالية تتوجه بتحقيق السعي الى الأخذ بالماضي بالاعتبار من اجل بناء مستقبلاً افضل، الا انها وسرعان ما تصطدم او تغفل عن الواقع الراهن.

وينقل الباحث على ان أطر العمل المقيد الخاص بالعمليات الانتقالية الذاهبة نحو الليبرالية له انعكاسات ذات اهمية بالغة على مجمل السياسات والأبحاث والممارسات المتعلقة بالعدالة الانتقالية، بغض النظر فيما اذا كان ضمن سياق العدالة الانتقالية أو التحول الديمقراطي، كما تواجه العدالة الانتقالية مجمل من التحديات والمواجهات ضدها في فترة معالجة الصراعات الهيكلية والتي تعود جذورها الى الجوع والفساد والفقر والفساد المالي والاداري ونهب ثروات وخيرات البلاد، حيث يعكس كل ذلك الميول في مجال العدالة الانتقالية حول التركيز على الانتهاكات في الحقوق السياسية والمدنية بنحو مبالغ فيها اكثر من التركيز على المظالم الإقتصادية والإجتماعية، حيث اخذ الباحث دولة مصر كأنموذجاً للحالة، التي تعد مبعثاً لإشكالية في تطبيق العدالة الانتقالية نتيجة للتغيرات السريعة منذ ثورة عام 2011 والتي انعكست على تطبيق العدالة الانتقالية واحداث تغييرات جوهرية فيها.

دراسة (Amanda C. Barrel) بعنوان:

"Moving beyond transitions towards transformation: The interaction between transitional justice & constitution –building"

تتمحور هذه الدراسة على اساس التفاعل بين اشكال التسويات السياسية والعدالة الانتقالية ومن ثم بناء الدستور وفق السياقات الانتقالية، وقد استعرض بعض من المفاهيم والأطر حول موضوع البحث واهم المقاربات المقارنة، مثل العدالة والحقيقة وجبر الضرر واخيراً ضمانات عدم التكرار، حيث يشهد الانتشار السريع والمتزايد لعمليات الإنتقال السياسي أعقاب فترة الصراعات الداخلية اهتماماً بالغ الأهمية لا سيما في ما يتعلق بالعدالة الانتقالية وكذلك بناء الدستور، اذ لم يتم اعطاء القدر الكبير من الإهتمام لقضية فهم مساهمة التفاعل بين المجالين سالفي الذكر في تحقيق الأهداف المرجوة منهما بشكل فاعل، اذا يرى الباحث ان تلك العمليتين يجب ان يحدثا معاً، وهما موجدان في ارض الواقع، لكن توجد حاجة ملحة للممارسين في كلا المجالين للمزية من الإدراك والفهم لهذا التعايش والنظر في اهم العوامل المؤثرة فيهما.

وكذلك توضح الدراسة القدرات الممكنة من اجل الجمع بين بناء الدستور والعدالة الانتقالية من اجل منع نشوب صراعات وتأثيرات عميقة في المسارات الخاصة بها وكذلك دعم وتعزيز السلام المستدام ، ومن ثم ينتقل بشكل تفصيلي الى اهم التحديات الملازمة لعملية الجمع بين تلك العمليتين، ومن دون اجابات محددة أو إقتراح نماذج معينة، وركز ايضاً على انه من المهم عد العدالة الانتقالية وبناء الدستور عمليتين متممتين الواحدة للأخرى وليس متنافستين أو متعارضتين، وتسع نطاق الفهم لهما بدعم كل عملية بمعزل عن الأخرى، فضلاً عن السبل الكفيلة والتي يمكن من خلالها ان تقدم مساعدة من اجل معالجة تلك التحديات الرئيسية التي تطرحها عمليات العدالة الانتقالية، حيث يتم كل ذلك من خلال التفكير المتناسق على مستوى السياسات العامة وتنسيق وتقديم الدعم والتفاعل بين العدالة الانتقالية وجميع هيئات صياغة الدستور، ووجوب ان تكون هناك لجان تقصي حقائق أكثر تخصصاً وأكثر وضوحاً وبصراحة أكثر فيما يخص الإصلاح المؤسساتي والدستوري.

تتميز هذه الدراسة عن الدراسات السابقة بأنها مراحل تطور العدالة الانتقالية والآثار السلبية لتطبيق العدالة الانتقالية في التجارب السابقة والتمايز الطبقي والعقائدي في تطبيقها، كما تميزت الدراسة عن تناول العدالة الانتقالية في العراق واشكالياتها مابعد عراق 2003، كما تناولت الدراسة اهم السبل والطرق في انشاء مؤسسات حقيقية تتبنى فكرة الدولة بمؤسساتها واعادة الثقة بتلك المؤسسات واصلحها وتشكيل لجان متخصصة في ذلك الشأن وهذا من أهم ما ميز هذه الدراسة، حيث تعد هذه الدراسة من أحدث الدراسات الموجودة في اللغة العربية في هذا المجال وفي ظل الكثير من المتغيرات.

وبناء على كل ما ذكر، تتميز الدراسة بأنها ستقدم نتائج وتوصيات يمكن ان تستند عليها الكثير من الدراسات والابحاث الاستشرافية والمستقبلية، وبما ان الدراسات السابقة قد قدمت نماذج في تحقيق العدالة الانتقالية في شكلها وجوهرها وايجابياتها وسلبياتها فإن النموذج الذي قدمته هذه الدراسة هو نموذج حديث ومن أولى التجارب على مستوى المنطقة تقريباً، مع العرض ان العراق في تجربة العدالة الانتقالية لم يعرفها من قبل.

مفهوم العدالة الانتقالية

تعني العدالة الانتقالية لغةً على انه يتكون من كلمتين (العدالة والانتقالية)، حيث ان معنى العدالة في اللغة من العدل والذي هو (ما قام في النفوس أمه مستقيم حيث انه ضد الجور، والأصل فيه عدل الحاكم في الحكم، يعدل عدلاً وهو عادل من قوم عدول، وعدل عليه في القضية فهو عادل، وبسط الوالي عدله ومعدلته، والعدل: هو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم، والعدل: الحكم بالحق، فيقال: هو يقضي بالحق ويعدل، وهو حاكم عادل ذو معدلة في حكمه، والعدل من الناس المرضي قوله وحكمه). أما ما يخص لفظ الانتقالية من الأصل اللغوي للفعل (نقل) والذي يعني (تحويل الشيء من موضع الى موضع، نقلة ينقله نقلاً فأنتقل، والتنقل هو التحول، ونقله تنقيلاً اذا كثر نقله، والنقلة: الاسم من انتقال القوم من موضع الى موضع، والنقيل ضرباً من السير وهو المداومة عليه، ويقال: إنتقل سار سيراً سريعاً).

والعدالة الانتقالية من حيث الاصطلاح، لا يوجد اتفاقاً نظراً لوجود تباين ما يتضمنه من مجموعة من الإختلاف في الأليات والخصائص وكذلك ايضاً الاستراتيجيات، وبهذا تعد العدالة الانتقالية من مقاربات جديدة والتي تهتم بمسألة الإنتقال الديمقراطي من خلال طرق سلمية، من خلال ايجاد مخرج قانوني وسياسي للتعامل مع نتاجات العنف السياسي للأنظمة السلطوية، حيث يعتبر مفهوم العدالة الانتقالية من المفاهيم الحديثة ليس فقط على المستوى الوطني انما كذلك على المستوى الدولي حيث لا يمكن ادراجه ضمن فقه العلوم السياسية تحديداً بصورة خاصة وانما ضمن الدراسات الخاصة بحقوق الإنسان، ويرى الكثيرون ان العدالة الانتقالية إحدى فروع القانون الدولي، على هذا كله نجد انه حظي بإهتمام صناع القرار السياسي والكثير من الأكاديميين، كما على شأنه في مجالي القانون والسياسة لا سيما في المجتمعات الانتقالية.

يذهب مفهوم العدالة الانتقالية على أنها عملية الإستجابة للانتهاكات بطريقة ممنهجة أو الموسعة  في نطاق حقوق الإنسان بهدف التحقق من اعتراف بمعاناة الضحايا من انتهاكات وقعت بحقهم، وايضاً تعزيز إمكانية تحقيق المصالحة والسلام والديمقراطية، اي يمكن عدها على انها عملية تكييف لتطبيق العدالة بالشكل الذي يلائم المجتمعات التي تخوض مرحلة التحولات الديمقراطية في اعقاب فترة من توسع وانتشار الانتهاكات في مجال حقوق الانسان، سواء كانت عملية التحولات انفة الذكر حدثت على المدى الطويل أو بصورة مفاجئة، بتقديم آخر يعبر مفهوم العدالة الانتقالية يرتبط بين المصطلحين (العدالة والانتقال)، بحيث يعطيان معنى مباشر في تحقيق العدالة خلال المرحلة الانتقالية التي بها اي مجتمع أو اي دولة في اي وقت من الأوقات.

كما يمكن ان تعرف العدالة الانتقالية على انها (كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي بذلها المجتمع لتفهم تركته من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة، وقد تشمل هذه الآليات القضائية وغير القضائية على حد سواء، مع تفاوت مستويات المشاركة الدولية ومحاكمات الأفراد، التعويض، تقصي الحقائق، الإصلاح الدستوري، فحص السجل الشخصي للكشف عن التجاوزات والفصل أو إقترانهما معاً).

مراحل تطور العدالة الانتقالية

في الحقيقة، مر مفهوم العدالة الانتقالية بمراحل ثلاث رئيسية نلخصها فيما يلي، مع الوضع في الاعتبار أن تجارب العدالة الانتقالية ومراحلها ليست منفصلة بالكلية، وأن كل مرحلة بما فيها من تجارب استفادت وتأثرت بشكل أو بآخر مما سبقها ( الديب، محمد، 2015: 2-3) ، وكالآتي:

المرحلة الأولى:

ظهرت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث أنشأت محاكمة بمدينة نورمبرج الألمانية عام 1945، لمحاكمة القادة الألمان على ما ارتكبوه من جرائم أثناء الحرب، وعلى مدار أربع سنوات عُقدت ثلاث عشرة محاكمة في المدينة التي كان ينظم فيها الحزب النازي اجتماعاته، وتمحورت هذه المرحلة بشكل عام حول التجريم والمحاكمات الدولية التي ترتبت عليها.

المرحلة الثانية:

بدأت مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وما أعقبها من تغييرات سياسية مختلفة في دول أوربا الشرقية، وكذلك التجربة الأرجنتينية، وظهرت آليات أخرى مثل لجان الحقيقة والتعويضات.

المرحلة الثالثة:

وتعتبر تجربة دولة جنوب أفريقيا من خلال لجنة (الحقيقة والمصالحة) الشهيرة في 1995 التي تشكلت للتعامل مع قضايا الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها السكان السود في جنوب إفريقيا في فترة التمييز العنصري مثالاً على هذه المرحلة، وكذلك تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب.

...........................................

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي كتابها

*مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2022 Ⓒ

http://mcsr.net

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://t.me/infomscr
التعليقات