قضايا اقليمية

ازمة تشكيل حكومة نتنياهو حسب الإعلام الرسمي الامريكي

   اهتم الاعلام الأمريكي في الأسابيع الأخيرة بالأزمة السياسية الحاصلة في الكيان الصهيوني بسبب تشكيل حكومة نتنياهو، حيث جاء في تقرير مفصل كتبه اميرتال وريتشارد ألن غرين لحساب موقع CNN اذ جاء فيه: "ان الازمة ترجع الى قرار المحكمة العليا في الكيان الإسرائيلي التي قضت في يوم الأربعاء 10 كانون الثاني/ يناير2023 بعدم السماح لـلأرييه درعي زعيم حزب شاس الحليف الرئيس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتولي منصب وزير في الحكومة لدواعي ادانته في شباط/ فبراير 2022 بالاحتيال الضريبي". وجاء في نص قرار الحكم بان على نتنياهو الغاء تكليف درعي من منصبة، هذا الحكم اثار جملة من التداعيات من شأنها ان تضع إسرائيل في ازمة سياسية جديدة، وتضع حكومة نتنياهو في احتمالية الاستقالة.

من جانبه رد حزب شاس بزعامة لأرييه درعي الذي حصل على (11) مقعد في الكنيست الإسرائيلي من أصل (120) مقعد في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر على قرار المحكمة بانه (تعسفي وغير مسبوق). في حين وصف الحزب الديني السفاردي نص قرار المحكمة بانه ألغى أكثر من 400 ألف صوت من ناخبي حزب شاس عادا قرار المحكمة سياسي، مطالباً المحكمة ان تبدي رأيها فيما إذا كان من المعقول قانوناً تكليف درعي في حكومة نتنياهو على الرغم من ادانته بالاحتيال الضريبي.

تشير تقارير الى المسألة الأساسية في قرار المحكمة هي ما إذا كانت ادانة درعي بالاحتيال الضريبي تشكل (جريمة شرف)، وهذا ما يحظر عليه قانوناً الاشتراك في حكومة نتنياهو، يذكر بأن نتنياهو وحلفائه قاموا بأجراء تغييرات على قانون العقوبات بعد فوزهم بالانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر مما مهد الطريق امام درعي ليكون وزيراً في حكومة نتنياهو، في الوقت الذي كان فيه درعي يشغل عضواً في الكنيست الإسرائيلي عندما أصدر حكم ادانته من قبل المحكمة العام الماضي بعدها استقال من منصبة كنائب في الكنيست.

وهنا لايزال التساؤل القانوني حول ما إذا كانت ادانة درعي بالاحتيال الضريبي تعد جريمة مخلة بالشرف دون إجابة، فقد أشار حلفاء درعي من حزب الليكود بزعامة نتنياهو، من وزراء وأحزاب أخرى الى ان زعيم حزب شاس لن يستقيل من منصبة في حكومة نتنياهو، من جانبه أكد درعي بانه سيواصل وبقوة أكبر.

تشير التقارير في حالة رفض درعي الاستقالة او رفض نتنياهو اقالته من الحكومة فأن ذلك سيقود الى ازمة سياسية ودستورية من جملة تداعياته تضع حكومة نتنياهو في مواجهة المحكمة العليا. اذ ان نتنياهو وحلفاءه في الائتلاف الحاكم يشكلون (64) معقداً في الكنيست من أصل (120) مقعدا أي بأغلبية (6) من خصومهم في الائتلاف المعارض، حيث يشغل حزب شاس بزعامة درعي (11) معقد من مجموع الائتلاف، الذي يقوده رئيس الحكومة نتنياهو لذا فأن اقالة درعي ستغرق حكومة الأخير في ازمة.

يحاول نتنياهو وحزبه تدارك تداعيات قرار المحكمة العليا من خلال عدة مواقف، فقد شوهد نتنياهو مؤخراً وهو يلتقي درعي في منزل الأخير، وقضى حوالي 45 دقيقة مع درعي قبل ان يغادر ولم يدل نتنياهو بتصريح للصحفيين، الذين كانوا خارج منزل درعي، فيما تعهد باريف ليفين عضو حزب الليكود بالتدخل نيابة عن درعي، واشار ليفين: "سأفعل كل ما هو ضروري الى ان يتم تصحيح الظلم للحاخام ارييه درعي، وحزب شاس، والديمقراطية الإسرائيلية". وأعلن ليفين سعيه الى وضع خطة لتغيير ما اسماه بنظام العدالة في إسرائيل من خلال منح الكنيست سلطة نقض قرارات المحكمة العليا ومراجعة قراراتها. من جانبها وصفت استر حايوت رئيس المحكمة العليا التي كانت من بين القضاة العشر الذين نص قرار حكمهم القاضي بأن على نتنياهو ان يقيل درعي، وصفت المواقف السياسية هي هجوم شرس على النظام القضائي.

حكومة نتنياهو واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي

شهد الكيان الإسرائيلي حالة من عدم الاستقرار السياسي في السنوات الأخيرة، ومن جملة ذلك ما شهدته انتخابات الكنيست الإسرائيلي الخامسة حيث حقق نتنياهو فوزاً قلقاً لكنه في النهاية أدى اليمين ليشكل الحكومة للمرة السادسة من حياته السياسية، وعدت هذه المرحلة جزءا من هيمنة حالة الفوضى السياسية التي طال امدها، ومن المرجح ان تكون حكومة نتنياهو السادسة هي الأكثر يمينية في تاريخ حكومات الكيان الإسرائيلي حيث أتُهم ايتمار بن غفير الذي اصبح وزيراً للأمن القومي في حكومة نتنياهو بالتطرف ودعم الإرهاب، والتحريض على العنصرية ضد العرب، في حين شغل بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية وزير المالية الذي ايد اقصاء السلطة الفلسطينية، وضم الضفة الغربية للكيان الإسرائيلي.

في ضوء ما يعتزم تحالف نتنياهو بمطالبة الكنيست بوضع خطط لصالح قرارات سياسية وحكومية ومنها تحجيم النظام القضائي في الكيان الإسرائيلي شهدت إسرائيل مشاركة اكثر من (80 الف) شخص في احتجاجات تل ابيب ضد حكومة نتنياهو، وبعد فترة قصيرة من حكومة نتنياهو السادسة بدأت الاحتجاجات وكأنها في غاية التعقيد حيث تظاهر عشرات الالاف في مدن تل ابيت، والقدس في 14 يناير ضد المقترحات الحكومية المزمع تقديمها للكنيست للتقليل من صلاحيات القضاء الإسرائيلي، ورفع المحتجون لافتات تشبه نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأشار المحتجون الى ان النظام السياسي في الكيان الإسرائيلي بدأ يتحول الى نظام استبدادي مثل المجر قبل سنوات، او الى نظام ايران الديني الثيوقراطي. يأتي ذلك في ضوء ما يعتقده المحتجون حسب شبكة CNN الامريكية بدوافع الخوف على مستقبل الكيان الإسرائيلي، وارسال رسالة الى نتنياهو مغزاها ان الجمهور الإسرائيلي لن يدعم ما وصفوه بتهديم الديمقراطية الإسرائيلية.

.............................................

الآراء الواردة في المقالات والتقارير والدراسات تعبر عن رأي كتابها

*مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2023 Ⓒ

http://mcsr.net

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://t.me/infomscr
التعليقات